الحرب تنهش أجساد القوارير والأطفال
النساء في السودان بين الاغتصاب ووصمة العار .. أين المفر؟!

الخرطوم – علاء الدين أبو حربة
ظلت المرأة السودانية الحلقة وكرت الضغط الأضعف في جميع الحروبات التي مر بها السودان، دون يقظة ووعي بأهميتها خاصةً في مثل هذه الظروف العصيبة، فهي سلاح ودرع الحماية للأطفال وحتى الرجال، هي المطمئن والصابرة والمحفز على التعاييش مع ظروف قاسية فرضتها الحرب، هن اللاتي جربن مرارت الصبر والنزوح والتشرد، والجوع والألم في دارفور والخرطوم والنيل الأزرق وجبال النوبة، وجميع مناطق السودان التي تشكل خطراً حقيقياً على المرأة والقيام بدورها المنوط، حتى قبل هذه الحرب التي يمر بها السودان الآن.
لكن هذه الحرب هي الأصعب والأمر ،نسبة لاتساع رقعة الصراع وتفشي الانتهاكات والعنف ضد المرأة بوحشية.
7 ملايين امرأة وفتاة في خطر!
يشكل خطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع، من أبشع الأسلحة والمهددات التي تمر بها نساء السودان، حيث أن أكثر من سبعة ملايين إمرأة وفتاة عرضة للعنف الجنسي، ومنهن من تعرضن للاغتصاب الجماعي، بجانب تكرار هذه الانتهاكات، وآثارها على الأفراد والمجتمع، على المدى الطويل.
تعددت أشكال العنف ضد المرأة والطفل جراء الحرب الدائرة، وتوفر كافة أسباب التعرض لخطر العنف، حيث جعلت الحرب، النزوح مصير مجهول لا مفر منه لكثير من النساء والفتيات النازحات واللاجئات والمهاجرات بصفة خاصة.
نجاة وعار
سجلت منظمات المجتمع المدني والدولي العديد من الوقائع والقصص، لدرجة أن كثير من النساء أصبح لديهن مواليد نتيجة لتعرضهن للاغتصاب، إضافة إلى قصص النجاة والحوادث التي لم تسجل خوفا من وصمة العار التي قد تلاحق أسرهن، رغم الهروب والنزوح.
تقديرات الأمم المتحدة في السودان قبل بداية الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، في أبريل من العام الماضي، تفيد بأن حوالي 3 ملايين امرأة وطفلة يمكن أن تكون عرضة للعنف القائم على النوع الاجتماعي سنة 2022، وفي الوقت الحالي، بلغ العدد تقريبا 6.9 مليون امرأة وفتاة من الممكن أن تتعرض لهذا العنف.
يؤكد ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان، محمد الأمين في إفادة مسجلة للأمم المتحدة، أن الإحصائيات الدقيقة حول الناجيات غير موجودة لعوامل متعددة، منها عدم وجود الفِرق في الميدان، وحساسية الموضوع، إضافة إلى أن أكثر الناجيات لا يبلغن عن ممارسات العنف التي يتعرضن لها.
المرأة سلاح الخصوم .. أين الكرامة؟
وأضاف محمد الأمين في حواره مع (الأمم المتحدة): “تاريخيا من فترة بدء الأحداث في دارفور بداية الألفية سنة 2003 و2004، كانت هناك ممارسات اغتصاب وعنف مبني على النوع في هذه المناطق القبلية المتداخلة، مشيراً إلى أن نفس الممارسات ظهرت في هذه الحرب حتى في المدن الكبيرة مثل الخرطوم ومناطق أخرى في الجزيرة ودارفور.
موضحا أن هذه الممارسات ملاحظة وموجودة، تعتبر سلاحا في هذه الحرب للضغط على الأسر والمجتمعات وهذا نوع من امتهان كرامة الخصوم في هذه الحرب.
قصص مروعة.. إهانة وعنف
و للأسف لكل ناجية قصة مروعة حتى تعرضن لاغتصاب جماعي في مناطق في دارفور في الفترة الأولى من الصراع.
تعرض العديد من النساء في دارفور لاغتصاب جماعي، حيث حُبست 18 امرأة في فندق وتم اغتصابهن لمدة ثلاثة أيام، تعرضن خلالها لعنف نفسي وجسدي وإهانة للكرامة الإنسانية، وغيرها من القصص التي تصدرت صفحات وعناوين الإعلام، دون أن يتحرك أي ساكن لطرفي النزاع أو الإحساس بالمسؤولية تجاه هذه الشرائح الضعيفة في المجتمع، والتي ستشكل وصمة عار على جبين أبناء السودان وحتى المجتمع المدني والدولي الذي لزم الصمت.
وجه ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان، محمد الأمين، بضرورة إيقاف هذه الحرب، ورجوع الأمن والأمان هو أول حل للمسألة، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن تُحل بالموارد المالية ولا بأي شيء، الحل الأول هو إيقاف الحرب والعدائيات، وبداية الرجوع لتفاوض محلي للوصول إلى اتفاق مشترك بين الأطراف المتحاربة من أجل حماية ما تبقى من المنشآت والممتلكات وحفاظا على الشعب السوداني الذي يستحق حياة كريمة في الحاضر والمستقبل.