أخبار السودان
أخر الأخبار

مباحثات جنيف… آمال ضئيلة بحدوث اختراق يوقف حرب السودان

تقرير- صلاح حمد مضوي 

وسط تفاؤل ضئيل بنجاحها ،انطلقت المحادثات الخاصة بالأزمة السودانية في جنيف اليوم الأربعاء ،بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات وسويسرا والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.

جولة أولى

وأعلن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان ،توم بريللو ،بدء المحادثات اليوم ،وسط شكوك في إحراز نتائج ملموسة تفضي إلى وقف الحرب التي دخلت عامها الثاني بخسائر فادحة للسودان وشعبه.

وكان بيرييلو قال امس، إن الوفود المشاركة في مباحثات سويسرا من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ومصر وممثلي قوات الدعم السريع، قد وصلت إلى جنيف ،لإجراء محادثات تهدف إلى إنهاء الصراع في السودان، رغم رفض القوات المسلحة السودانية المشاركة فيه حتى الآن.

وفيما أعلنت قوات الدعم السريع وصول وفدها أمس إلى جنيف ،للمشاركة في المفاوضات ،قالت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ،ليندا توماس قرينفيلد ،إن”محادثات جنيف تهدف إلى إنهاء حرب وحشية استمرت 16 شهراً”، مؤكدة أن الصراع في السودان ،لن ينتهي في ساحة المعركة، بل سينتهي على طاولة المفاوضات.

موقف الجيش

على الجانب الآخر،قال رئيس مجلس السيادة ،القائد العام للجيش، الفريق أول ركن ،عبد الفتاح البرهان، في خطاب له ليل الثلاثاء، بمناسبة عيد الجيش: “يجب أن نذكر من يدعون كذباً للسلام ونقول لهم؛ لا سلام والميليشيا المتمردة تحتل بيوتنا ومدننا وقرانا وتحاصرها، وتقطع الطرق إلى أجزاء مقدرة من بلادنا الحبيبة، فلا وقف للعمليات بدون انسحاب وخروج آخر ميليشي من المدن والقرى التي استباحوها واستعمروا أهلها. وأكرِّر، أنّ طريق السلام أو وقف الحرب واضح وهو تطبيق ما اتفقنا عليه في جدة في مايو 2023م”.

تنفيذ التزامات

وضرب سياج من السرية على مباحثات جنيف التي يتوقع لها ان تستمر لعشرة أيام.

وعقب انتهاء مداولات اليوم الأول للمباحثات ،خرج المبعوث الأمريكي للسودان توم بيريلو بتصريح مساء اليوم ،قال فيه :إن”المناقشات خلال اليوم الأول من محادثات جنيف بشأن السودان ،أسفرت عن أفكار ملموسة للامتثال وتنفيذ التزامات الأطراف في إعلان جدة.

وأضاف في تغريدة على منصة إكس ،إن المناقشات ستستمر غدًا.

وأكدت 7 منظمات ودول غربية وعربية أنها تعمل جاهدة من أجل التوصل إلى اتفاق يوقف الأعمال العدائية في السودان ،ويضمن وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها.

لا نتائج

ويرى مصعب محمد علي ،أستاذ العلوم السياسية  بجامعة النيلين في حديث لـ(الديوان) ،أن مفاوضات جنيف التي بدأت اليوم ،دون مشاركة وفد الجيش ،لن تحدث اختراقاً في الوصول لسلام ينهي الحرب في السودان، بل يمكن أن تزيد الازمة تعقيداً ،باعتبار أن مخرجاتها لا يمكن تطبيقها ،لأن طرفي القتال لم يجلسوا على طاولة المفاوضات ،وبالتالي فإن المخرجات إن كانت ملزمة لطرف فإنه بالضرورة لا تلزم الطرف الآخر غير المشارك.

وحول نظرة العالم للأزمة السودانية على ضوء هذا الواقع ،يوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين:  ‘يمكن القول أن غياب الحكومة والجيش عن مفاوضات جنيف ،سيؤثر على رؤية العالم للأزمة في السودان ،وهو ماسينعكس سلباً على التعامل مع البلاد ودخول الحكومة عزلة قد تكلفها الكثير”.

خطر الفشل

ونبه الأستاذ مصعب أنه كان من الأفضل المشاركة وطرح رؤية الحكومة والجيش ،مع الإصرار على تنفيذ اتفاق جدة.

وزاد : أعتقد أن فشل مباحثات جنيف ،سينعكس على الحرب في السودان ،وربما تشهد البلاد جولة أخرى من المعارك  تكون أعنف من قبلها ،مع تمسك كل طرف بالانتصار بعد إغلاق باب التفاوض.

غياب القرارات 

بدوره يقول إبراهيم إدريس الخبير بالشؤون الأفريقية لـ(الديوان) ،أنه كمتابع ومراقب لهذه المفاوضات منذ تحركات رئيس جنوب السودان سلفاكير ميار ديت وكذلك جهود الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي  ،ومروراً بكل المبادرات التي تجاوزت 6 مبادرات ،في تقديري حتى الآن ،هنا تكمن الأزمة.

ويوضح إدريس : “نعم الأزمة بين طرفين ،ولكن الأزمة الكبرى هي في من هو الذي يفاوض..  وعلى ماذا يفاوض..  وماهو الاطار الحقيقي لتحقيق هذه المسالة؟.

واستطرد : كنا نتوقع بعد مبادرات لقاءات أديس أبابا وجيبوتي والمنامة وغيرها، وصولاً لجدة ، ان جدة ستكون الحلقة الأخيرة في هذه المفاوضات.

في تقديري الفشل الذي حدث ،جاء نتيجة لعدم تفعيل القرارات من المجتمع الدولي ،هذه هي الأزمة الحقيقة”.

التدخل الدولي

وبحسب الخبير بالشؤون الأفريقية ،”حتى الآن مازالت الجهود الأمريكية قاصرة ،لاسيما أن هناك طرف أساسي رافض لهذا المسار وآخر يؤيده ، وهنا باتت المعضلة معضلتان.
من هنا الكل يقول بأن هناك فشل ذريع  وواضح بين المتفاوضين في قضية الأجندة التي يجب تنفيذها .
لقداستكملت جدة كل القضايا ،وكنا نتوقع أن يتم التسهيل وإيقاف هذه الحرب ،وتكون هناك قوة مراقبة وهدن .

كل هذه المسائل كنا نرى فيها الحل الأمثل” .

وفي معرض إفادته أيضاً ،يؤكد الخبير بالشؤون الأفريقية ،أنه في ظل هذا الوضع ،يجب على المجتمع الدولي التدخل ،وعلى وجه الخصوص الأمين العام للأمم المتحدة ،لأن الكل متهم.

والأمين العام تحديداً دون أطراف محددة ،لأن الكل متهم في هذه الحالة ،وعلى مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع طارئ خاص بهذه المفاوضات وإعلان مواقف بين حدين ،إما الاتفاق ،أو تطبيق البند السابع، هذا ماأراه ولا آمل كثيرا في أن جنيف ستنهي هذه الازمة.

مخاوف أمريكا

ماالذي تغير حتى تحركت أمريكا بهذا الشكل وماالذي تريده من وراء هذه المفاوضات؟

هذا السؤال طرحته على الخبير بالشؤون الأفريقية ،فأفاد :”إن الدافع الأساسي هو الظرف الجغرافي لهذه المنطقة .
الآن هذه المنطقة بالنسبة لأمريكا أصبحت أولوية قد تتساوى مع الموقف في أوكرانيا ، لاسيما أن مايحدث الآن في الأراضي المحتلة ،هذه التحالفات والمحاور التي وصلت إلى إيران واليمن وحزب الله ،هذا التأزم في منطقة البحر الأحمر من الروس والأمريكيين ،إلى الحد الذي وصلت خلاله البوارج الروسية إلى ميناء مصوع ،كل هذه المعطيات هي التي دفعت أمريكا لهذا الموقف.

امريكا تتحرك من إستراتيجيتها الخاصة ومن تكتيكاتها الظرفية

عليه فالسودان أيضا صارت له مساحة كبيرة لأن يوسع علاقاته مع إيران ومع روسيا ودول في هذا المحور ،تنافس وتختلف مع السياسات الأمريكية.

إن مايدفع أمريكا هو موقفها السياسي الإستراتيجي ، وهي تحاول أن تقلص من هذه الأزمة ،فقط من أجل
معالجة قضيتها التكتيكية فيما يخص الحرب الدائرة الآن في غزة.

مجلس الأمن 

وعن النتائج المترتبة على فشل جولة جنيف الحالية والموقف الذي ستنطلق منه أمريكا بعد ذلك؟

يجيب:  ليس لأمريكا حل آخر غير الرجوع لمجلس الأمن والمفاوضات المباشرة بين مندوبي المجلس للوصول لقرار تاريخي يخص أمن ومستقبل ووحدة دولة السودان.

السودان الآن في مفترق طرق ،ومن المحتمل رؤية النموذج الصومالي أو الليبي ،فهما الأقرب للواقع لماسيصير إليه الوضع في السودان.

فالتخندق وصل إلى مرحلة اللاعودة ،والقوى الٱن تعيد صفوفها لتستمر المعارك الحربية.

هناك دول عديدة يهمها وقف هذه الحرب
لكن قدراتها محدودة.

أيضاً جامعة الدول العربية ،الاتحاد الأفريقي ،الايقاد راينا فشلهم، وبالتالي ليس هناك حل إلا في عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي ،تطرح خلاله هذه القضية برمتها ، ومحاولة إيجاد مخرج تاريخي وموقف دولي ،يؤثر على هذا التناحر الحاد الذي ضحيته السودان وشعبه البرئ من هذه الحرب الغاشمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى