الخرطوم عاصمة النيلين المعزولة..إنعدام أبسط مقومات الحياة .. والحرب مستعرة

الخرطوم – علاء الدين أبو حربة
تمر العاصمة السودانية الخرطوم بأسوأ كابوس تشهده في تاريخها الحديث ،تعددت أشكال الموت والانتهاكات فيها .. انقطاع تام للتيار الكهربائي، وشبكات الاتصالات، ومياه الشرب، والخدمات الأساسية التي يحتاجها الإنسان، من غذاء ودواء، أولئك الذين لم تسمح لهم الظروف بالهرب أو النزوح إلى المجهول، رغم تلك الخسارات المروعة، والمرارات، لا تزال الفوضى تتصاعد وتتفاقم إنسانياً، جراء الصراع المسلح بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني الذي أكمل عامه الأول مخلفاً أعداد مهلولة من النازحين والفارين من جحيم الحرب.
أعلى نسبة نزوح
سجل السودان أعلى نسبة نزوح في العالم حيث يبلغ عددهم أكثر من 11 مليون شخص – ما يعني واحد من كل خمسة أشخاص في السودان، نزح في الأشهر الثلاث الماضية أكثر من 143,000 شخص من الفاشر في ولاية شمال دارفور وحدها، وغيرها من المناطق التي تشهد الصراع،.
الخرطوم كان لها نصيب الأسد من حيث عدد النازحين غير المعروف بدقة حتى الآن، نسبة للأوضاع التي تمر بها الخرطوم والتي تعتبر بؤرة الصراع الساخنة، ونقطة انطلاقة الحرب.
انقطاع الكهرباء وشبكات الاتصال.
العزلة
منذ الأشهر الأولى للحرب بداية العام الماضي، تعرضت كهرباء العاصمة الخرطوم وضواحيها لانقطاعات متفاوتة، كواحدة من أدوات الحرب التي يستخدمها الجيش والدعم السريع، وتبادل الاتهامات بالمتسبب في ذلك، استمر أطول انقطاع للكهرباء في العاصمة وضواحيها لأكثر خمس أشهر، وحتى الآن لم تشهد استقراراً يخفف وطأ الحرب وحدته، وزاد من معاناة المواطنين، بسبب تعطل محطات المياه.
أين العالم؟!
إضافة إلى معاناة الكهرباء والمياه وغيرها إلا أن انقطاع شبكات الاتصال جعل من العاصمة الخرطوم مدينة معزولة تماماً، لا أحد يعرف ما يدور من حوله، تقول سماح النيل، كنا نعرف أحوال بعضنا عن طريق الاتصال، بعد انقطاعها بات الوضع أكثر صعوبة وتعقيد .
لانعرف أخبار الأهل ولايوجد أي أمان يسمح بالتنقل، أخبار الوفيات باتت تصدمنا ،كلما أتيح لشخص التواصل أو الحصول على شبكة “ستار لينك” أو المغامرة بالخروج وتفقد الأهل، نعيش أياماً صعبة وظروف قاسية للغاية، أين العالم من كل هذا؟.
يقول المواطن محمد الطيب ،أحد سكان محلية شرق النيل، مررنا ونمر بظروف غير إنسانية، الكهرباء منذ الحرب مقطوعة ما جعلنا نعاني في أبسط مقومات الحياة، أصبحنا معزولين عن العالم لا نعرف حتى الأخبار نعيش كل يوم على أمل أن ينتهي هذا الكابوس، خسرنا كل شيء.
غلاء معيشة وجنون أسعار
بدوره تحدث المواطن خطاب عمر قائلا: أصبحنا نشتري كل شيء ،المياه والثلج والفحم وغيرها من الاساسايت غير المتوفرة في كثير من الأحيان،.
أطفالنا يعيشون ظروفاً إنسانية قاسية ،فقدوا التعليم والغذاء، والعلاج أصبح من الصعب الحصول عليه ،وإن وجد غالباً يكون غير صالحا للاستخدام.
فقدنا عدداً من الأهل والأصدقاء بسبب نقص العلاج، واستخدام أدوية منتهية الصلاحية.
نحن حقاً لا نعيش في الخرطوم، إنها عاصمة أشباح مظلمة، مررنا فيها بأبشع أنواع القهر والذل والحاجة، ولا تسمح لنا الظروف بالخروج أو النزوح الذي أيضا يعتبر موت وهروب للمجهول.
من المحرر:
كثيرة هي القصص المحزنة جراء هذا الصراع المشتعل، نزوح وتشريد وموت، عنصرية تسيطر على كل شيء، حكايا يقشعر لها البدن، موت في الطريق وقتل بلا تبرير، أطفال يقهرهم الرعب والخوف، لا أمل يلوح في الأفق، ولا طرف من أطراف الصراع، يهمه أمرنا الإنساني، بل للأسف يستخدم الإنسان ومعيشته كسلاح ودرع في حرب هو الخاسر الوحيد فيها.
*الصورة – (أ.ف.ب)